يريفان عاصمة أرمينيا وأكبر مدنها، وهي واحدة من أقدم المدن التاريخية المأهولة في العالم، إذ يعود تاريخها إلى عام 782 قبل الميلاد، وتقع على ضفاف نهر هرازدان الكبير الذي يتحد مع نهر آراس في سهول آرارات على طول الحدود مع تركيا. وتصنّف يريفان بأنها عاصمة للثقافة والفنون، ومنحتها اليونسكو لقب “عاصمة الكتاب” عام 2012.
تعاقبت عليها كثير من الدول، وشهدت حضارات وثقافات متنوعة ومختلفة، وإبان الفتح الإسلامي تحولت إلى معبر للقوافل التجارية العربية المتجهة إلى الهند.
وأصبحت يريفان عاصمة لأرمينيا عام 1918، وهي العاصمة الـ13 في تاريخها، وتحولت من مدينة صغيرة يسكنها عدد قليل من الناس في عهد القيصرية الروسية إلى مدينة مليئة بالسكان، يقطنها ما يربو عن مليون نسمة، وتصنّف حاضنة للثقافة والفنون، وفيها مقر الحكومة الأرمينية.
شهدت نهضة عمرانية كبيرة منذ بداية الألفية الثالثة للميلاد، وتجذب الزائرين من مختلف أنحاء العالم، إذ تحتضن كثيرا من الآثار، وتزخر بتراكمات من التاريخ.
الموقع
تقع مدينة يريفان في سهول جبال أرارات، وتطل على نهر هرازدان في الوسط الغربي للبلاد التي توجد بين 4 دول، حيث تحدها تركيا من الغرب وجورجيا من الشمال وأذربيجان من الشرق وإيران من الجنوب.
وتقع يريفان على بعد 28 كيلومترا مع الحدود التركية، وهي مبنية على مصبات الأودية والأنهار، وسهول الجبال التي تحيط بها.
ويعود تاريخها لحقبة ما قبل الميلاد، وهي جزء من المملكة الأرمينية التي شهد تاريخها كثيرا من الصراعات والحروب.
السكان
تعد يريفان موطنا لقرابة ثلث سكان جمهورية أرمينيا، بنحو مليون نسمة من مجموع السكان البالغ عددهم قرابة 3 ملايين نسمة حسب إحصاءات حكومية لعام 2021.
وكانت المدينة مأهولة بالسكان منذ الألفية الثالثة قبل الميلاد، ورغم أنها الموطن الأصلي للأرمن، فقد استوطنها العرب والترك والفرس والجورجيون والمغول والروس في حقب زمنية مختلفة.
وفي عام 1582م، خضعت لحكم الأتراك، وباتت جزءا من أقاليمهم، حتى سنة 1604 إذ أصبحت خاضعة للفرس.
ومنذ القدم كانت يريفان موطنا للأرمن، وفي نهاية الـ17 تغيرت التركيبة السكانية للمدينة، إذ استوطنها المسلمون من أعراق مختلفة.
ووفق بعض المصادر، فمنذ نهايات القرن الـ14 وحتى القرن الـ20 كانت مدينة يريفان وبعض المناطق في أرمينيا تتألف من أغلبية مسلمة.
ومع حلول القرن الـ20 عاش المسلمون الأذريون مرحلة من التهميش والتمييز والتهجير القسري والجماعي، حتى تغيرت التركيبة الديمغرافية والعرقية في المدينة.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، رجع إليها عشرات الآلاف من الأرمن الذين كانوا في العراق وسوريا ومناطق الشام، وأصبحوا يمثلون 98% من سكانها.
وتوجد بها أقليات روسية وفارسية، ويعتنق الغالبية من السكان الدين الأرمني الأرثوذكسي.
وتقع بها كاتدرائية القدّيس غريغوريوس التي تصنّف أكبر كنيسة للأرمن في العالم.
ويتحدث السكان الأرمينية التي هي اللغة الرسمية للدولة، بالإضافة إلى الروسية التي يتحدث بها بعض السكان من ذوي الأصول الروسية.
التاريخ
يعود تاريخ يريفان إلى القرن الثامن قبل الميلاد، إذ أصبحت عاصمة للمملكة الأرمينية في تلك الحقبة.
وبعد الميلاد خضعت لأحكام مختلفة، حيث تعاقب عليها العرب والرومان والفرس والترك والروس.
وبين فترة 1915-1917 شهدت أرمينيا مقتل 600 ألف شخص، وتسفير 1.5 مليون إلى سوريا وكان أغلبهم من قاطني يريفان.
وعام 1918 أصبحت عاصمة لدولة أرمينيا المستقلة عن الدولة العثمانية التي انهزمت في الحرب العالمية الأولى.
وفي 1922 اعتمدت عاصمة لدولة أرمينيا التي انضمت إلى الاتحاد السوفياتي، وبعد الاستقلال وتفكك الاتحاد عام 1991 بقيت مركزا للقرار السياسي، لتكون العاصمة الـ13 في تاريخ أرمينيا.
الاقتصاد
تعد يريفان شريان اقتصاد أرمينيا، وتحتضن العديد من المصانع التي تسهم في تحريك عجلات الاقتصاد، كمصانع الخمور والسجائر والسجاد.
وتعد السياحة إحدى أهم الركائز الاقتصادية للعاصمة التي تضم كثيرا من الأماكن التاريخية الجذابة.
كما تقبل على المدينة كثير من الجالية الأرمينية المغتربة في أنحاء العالم، واستقبلت أيضا مهاجرين من روسيا أتوا لشراء شقق فاخرة في أحيائها الراقية.
ففي سنة 2022 وحدها تم إحصاء 650 ألف مواطن روسي قدموا للعيش في يريفان، مما زاد قيمة العقار، كما أن التحويلات المالية أسهمت في رفع معدلات النمو، فقد ارتفعت التحويلات من 886 مليون دولار في 2021 إلى 3.6 مليار دولار في 2022 أي بنسبة 15% من الناتج المحلي الإجمالي لأرمينيا.
وقد انعكست هذه الحركة المالية على قطاع المصارف التي تضاعف دخلها أكثر من مرتين. ووفق بيانات رسمية صادرة من وزارة الاقتصاد، فقد ارتفع حجم التجارة بنسبة 23% للنصف الأول من العام 2023.
أهم المعالم
تضم المدينة كثيرا من العالم التاريخية والأماكن السياحية الجذابة منها:
المسجد الأزرق: ويعود تاريخه إلى القرن الـ19.
قلعة إيربوني: شُيدت عام 782م، وتقع بجانب جبل أرارات الذي يقال إن سفينة نوح -عليه السلام- رست عليه بعد الطوفان.
المتحف الوطني: وتم تشييده عام 1957، ويضم 17 ألف مخطوطة و30 ألف وثيقة تاريخية، كما يحتوي تماثيل ولوحات لأشهر العلماء في أرمينيا.
الكاسكاد: حديقة مدرّجة تحاكي الحدائق البابلية المعلقة، أسست عام 1971، وأعيد ترميمها عام 2009.
ساحة الجمهورية الكلاسيكية: تحتفظ بآثار من الحكم الفارسي والسوفياتي.
متحف يريفان: يضم العديد من الآثار، وبه أقدم حذاء موجود في العالم، وعمره 5500 ميلادي.